الأسواق تختبر قدرتها على الصمود وسط الضبابية السياسية والاقتصادية العالمية
اختتمت الأسواق العالمية الأسبوع بنغمة حذرة مع تصاعد حالة عدم اليقين نتيجة التطورات السياسية والاقتصادية والشركاتية الأخيرة. من موافقة المساهمين على أضخم حزمة تعويضات في التاريخ لإيلون ماسك، إلى أزمة قطاع الطيران الأمريكي وتراجع الصادرات الصينية، أعاد المستثمرون تقييم شهيتهم للمخاطرة مع اقتراب نهاية العام.
ولا تزال التقلبات مرتفعة، في وقت يؤدي فيه استمرار إغلاق الحكومة الأمريكية إلى تعطيل صدور البيانات الاقتصادية، مما يزيد الغموض حول مسار السياسة النقدية والتوقعات المستقبلية.
الأسهم العالمية: توقف الزخم بعد موجة الارتفاع بقيادة الذكاء الاصطناعي
تذبذبت مؤشرات الأسهم يوم الجمعة دون اتجاه واضح، بعد أسبوع متقلب أنهى الزخم الذي قادته شركات الذكاء الاصطناعي خلال العام.
تراجعت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 1.8% هذا الأسبوع، في حين ظلت عقود ناسداك 100 شبه مستقرة. ومع استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي يحد من البيانات الاقتصادية المتاحة، يواجه المستثمرون صعوبة في تقييم توجهات الفيدرالي القادمة.
ورغم حالة الترقب، ما زالت الأساسيات القوية والأرباح المتينة والتوقعات بخفض الفائدة في وقت لاحق تدعم المعنويات.
في أسواق السلع، ارتفع الذهب فوق مستوى 4000 دولار للأونصة مع زيادة الطلب على الملاذات الآمنة، في حين صعد خام برنت بنسبة 1.3% إلى 64.23 دولاراً للبرميل. أما عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات فارتفعت نقطتين أساس إلى 4.11%، في إشارة إلى استمرار الحذر في أسواق الدخل الثابت.
مساهمو تسلا يوافقون على حزمة تعويضات تاريخية بقيمة تريليون دولار
في حدث استثنائي، وافق مساهمو شركة تسلا بأغلبية كبيرة على حزمة تعويضات ضخمة للرئيس التنفيذي إيلون ماسك تبلغ قيمتها تريليون دولار — وهي الأكبر في تاريخ الشركات.
تأتي الموافقة بعد حملة مكثفة من مجلس الإدارة لضمان دعم المستثمرين عقب إبطال خطة سابقة من قبل محكمة في ولاية ديلاوير.
ترتبط الحزمة الجديدة بتحقيق أهداف طموحة، من بينها رفع القيمة السوقية لتسلا إلى 8.5 تريليون دولار وزيادة إنتاج مشاريعها المستقبلية مثل “الروبوتاكسي” والروبوت البشري “أوبتيموس”. وأشار ماسك إلى إمكانية بناء مصنع رقائق خاص بالشركة — أطلق عليه “تيرافاب” — لتأمين الإنتاج المستقبلي.
ارتفع سهم تسلا بشكل طفيف بعد الإعلان، مما يعزز بقاء ماسك في القيادة خلال العقد القادم مع تركيز الشركة على الذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية القيادة. ومع ذلك، أثارت الصفقة من جديد نقاشات حول حوكمة الشركات واتساع الفجوة في الثروة.
قطاع الطيران الأمريكي يتأثر بشدة من الإغلاق الحكومي
يواصل الإغلاق الحكومي الأمريكي تأثيره العميق على قطاع الطيران، حيث أمرت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) شركات الطيران بخفض 10% من قدرتها التشغيلية عبر 40 مطاراً رئيسياً بدءاً من هذا الأسبوع لتخفيف الضغط الناتج عن نقص الموظفين.
بدأت الشركات الكبرى — مثل يونايتد وأمريكان ودلتا وساوث ويست — بإلغاء مئات الرحلات يومياً، خصوصاً على الخطوط الداخلية الأقل ازدحاماً. ويأتي ذلك قبيل موسم العطلات، مما قد يربك خطط السفر لملايين المسافرين ويزيد الضغط على النظام الجوي الأمريكي.
ويعمل أكثر من 13 ألف مراقب جوي حالياً دون أجر، ما يسبب إرهاقاً وارتفاعاً في معدلات الغياب. وطالب مشرعون الحكومة بالكشف عن التقييمات التي استندت إليها هذه القرارات، في حين يحذر المحللون من أن استمرار الأزمة قد يضر بالنمو الاقتصادي الأمريكي خلال الربع الأخير من العام.
الصادرات الصينية تتراجع بشكل مفاجئ لأول مرة منذ فبراير
سجلت الصين أول انخفاض في صادراتها منذ ثمانية أشهر خلال أكتوبر، في إشارة إلى تزايد الضغوط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
تراجعت الصادرات بنسبة 1.1% على أساس سنوي، مدفوعة بانخفاض حاد بنسبة 25% في الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة، في حين ارتفعت الصادرات إلى بقية الأسواق بنسبة 3.1% فقط — وهي زيادة غير كافية لتعويض الهبوط في الطلب الأمريكي.
كما تباطأ نمو الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي إلى 1% فقط، وهو أضعف أداء منذ أوائل 2023، بينما تراجعت الصادرات إلى كوريا الجنوبية وروسيا وكندا بنسب مزدوجة.
ورغم اتفاق واشنطن وبكين مؤخراً على خفض بعض الرسوم الجمركية بنسبة 10%، يتوقع أن يظل الأثر محدوداً بسبب استمرار ارتفاع الرسوم مقارنة بدول منافسة مثل فيتنام والمكسيك.
تأتي هذه البيانات في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني تحديات داخلية، أبرزها أزمة العقارات وضعف الإنفاق الاستهلاكي، مما يثير مخاوف من تباطؤ النمو إلى أضعف وتيرة منذ نهاية عام 2022. ومع ذلك، لا تزال الفوائض التجارية عند مستويات قياسية بلغت 965 مليار دولار منذ بداية العام.
التوقعات المستقبلية
تتجه الأسواق نحو مرحلة من التقلبات المتزايدة مع استمرار التوترات السياسية وتباطؤ النمو العالمي وتغير أنماط التجارة. وينتظر المستثمرون بوادر تنسيق في السياسات الاقتصادية، خصوصاً في الولايات المتحدة حيث أدى الإغلاق إلى تعطيل البيانات الأساسية التي يعتمد عليها الفيدرالي.
على المدى القصير، من المتوقع أن تتحرك الأصول الخطرة ضمن نطاقات محدودة حتى تتضح معالم الوضع المالي الأمريكي وخطط التحفيز في الصين. أما على المدى المتوسط، فتبقى الفرص قائمة في القطاعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الخضراء والأتمتة — وهي مجالات تحافظ على زخم الاستثمار رغم التحديات الدورية.
بقلم نور الحموري، كبير محللي الأسواق في سكويرد فاينانشيال
نور مستثمر ومحلل للأسواق مستقل ومستشار مالي، يحمل بكالوريوس في علم المالية والمصارف من جامعة عمان الأهلية وشهادة CFTe في الاقتصاد من الاتحاد العالمي للمحللين الفنيين. يتمتع نور بخبرة 15 سنة في الفوركس والأسهم والتطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى تحليل سياسات المصارف المركزية والتحليل ما بين الأسواق المالية. نور يظهر بانتظام على أبرز الشبكات التلفزيونية العالمية، مثل بي بي سي (BBC) والجزيرة، والحرّة، وسي إن بي سي (CNBC) وبلومبرغ (Bloomberg)، في أحاديث وتحاليل وقراءات للأسواق وأحداثها.
رفع المسؤولية: هذا التواصل تسويقي ولا يحتوي، ولا يجب تفسيره على أنه يحتوي على: نصائح استثمارية أو توصيات استثمارية، أو عرض أو التماس لأي معاملات تتصل بالأدوات المالية. لا يُعدُّ الأداء في الماضي ضمانًا أو تنبؤًا بأي أداء مستقبلي. ولا تُعدُّ المعلومات المذكورة هنا توصيةً شخصيةً ولا تُراعي أهدافك الاستثمارية الشخصية، أو استراتيجيات الاستثمار لديك، أو وضعك المالي أو احتياجاتك المالية. لا تُقدم شركة سكويرد فاينانشيال (Squared Financial) ولا تتحمل أي مسؤولية عن دقة المعلومات الواردة أو اكتمالها، أو أي خَسارة ناتجة عن أي استثمار بناءً على توصية أو تنبؤ أو معلومات أخرى تقدمها شركة سكويرد فاينانشيال.
المعلومات الواردة في هذا الموقع غير موجَّهة لأي شخص في أي بلد أو ولاية يكون فيها ذلك النشر أو الاستخدام مخالفًا للقانون أو التنظيمات المحلية
