تراجع الأسواق مع تصاعد الغموض حول الفيدرالي
تراجع الأسواق مع تصاعد الغموض حول الفيدرالي
شهدت الأسواق العالمية تراجعًا يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن توجهات الاحتياطي الفيدرالي القادمة، إلى جانب عمليات جني أرباح في أسهم التكنولوجيا التي ارتفعت بشكل مبالغ فيه خلال الأسابيع الماضية. وفي الوقت نفسه، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة واسعة لخفض الرسوم الجمركية على السلع الغذائية الأساسية وتوقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع عدة دول في أمريكا اللاتينية، في محاولة لخفض الأسعار وتعزيز القدرة الشرائية للمستهلكين وسط استمرار الضغوط التضخمية.
نظرة عامة على الأسواق العالمية
تراجعت الأسهم الآسيوية بعد أربعة أيام متتالية من المكاسب، متأثرة بتزايد المخاوف من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يؤجل أي خفض جديد في أسعار الفائدة. وانخفض مؤشر MSCI آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 1.4%، مع تراجع ملحوظ في أسهم شركات التكنولوجيا وخاصة أشباه الموصلات.
مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي هبط بنسبة 3.5%، ومؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ تراجع 1.4%، بينما خسر مؤشر توبكس الياباني نحو 0.8%.

أما العقود الآجلة لمؤشري S&P 500 وناسداك 100 فقد تذبذبت بعد انخفاض المؤشرات الأمريكية يوم الخميس، مع استمرار حالة الحذر بين المستثمرين. وتظهر تسعيرات الأسواق احتمالًا متساويًا تقريبًا بين تثبيت الفائدة أو خفضها في ديسمبر. أما عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات فاستقرت قرب 4.11%، في إشارة إلى ترقب الأسواق للبيانات الاقتصادية القادمة.
وفي أوروبا، أشارت العقود الآجلة إلى افتتاح ضعيف للأسواق، بينما تراجع الجنيه الإسترليني بشكل حاد أمام العملات الرئيسية بعد تقارير تفيد بأن الحكومة البريطانية قد تتراجع عن خططها لرفع ضريبة الدخل، في حين ارتفع اليورو هامشياً.
السياسة النقدية وآفاق الاقتصاد
أدت تصريحات عدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى تراجع توقعات الأسواق بشأن خفض إضافي للفائدة هذا العام. حيث أكد رئيس بنك سانت لويس الفيدرالي ورئيسة بنك كليفلاند الفيدرالي أن السياسة النقدية يجب أن تبقى “مقيدة نسبيًا” طالما أن التضخم لا يزال فوق المستهدف. بينما أوضح نيل كاشكاري رئيس بنك مينيابوليس الفيدرالي أنه لم يقرر بعد ما إذا كان سيدعم الخفض القادم.
وبعد إعادة فتح الحكومة الأمريكية، تحول اهتمام المستثمرين إلى البيانات الاقتصادية المقبلة، إلا أن التقارير لا تزال ناقصة. فمثلاً تقرير الوظائف لشهر أكتوبر لن يتضمن معدل البطالة بسبب توقف بعض المسوحات خلال فترة الإغلاق الحكومي، مما قد يعقد قرارات الفيدرالي في اجتماعه المقبل.
أما المعادن الثمينة، فقد واصلت ارتفاعها بدعم من توقعات التيسير النقدي، حيث ارتفع الذهب بنسبة 0.4% واستقرت الأسعار قرب 4,200 دولار للأونصة، بينما سجل الفضة مكاسب أسبوعية تجاوزت 10%.
أبرز أخبار الشركات
زادت الأنباء السلبية من ضعف شهية المخاطرة، إذ تخطط شركة فيرايزون لتسريح ما يصل إلى 20% من موظفيها في إطار إعادة هيكلة واسعة، بينما هوت أسهم Kioxia Holdings بنسبة 23% بعد نتائج مالية مخيبة للآمال.
وفي قطاع الرعاية الصحية، تقترب Merck & Co. من الاستحواذ على Cidara Therapeutics لتوسيع محفظتها من علاجات الإنفلونزا.
كما تراجع البتكوين دون مستوى 98,000 دولار ليستمر في هبوطه بأكثر من 20% منذ بداية أكتوبر، في حين استقر الإيثيريوم على ارتفاع طفيف.
التحركات التجارية والسياسات الأمريكية
أعلن الرئيس دونالد ترامب عن خطة لخفض الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع الغذائية الأساسية بالتزامن مع توقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع الأرجنتين، وغواتيمالا، والسلفادور، والإكوادور.
تهدف هذه المبادرة إلى خفض أسعار المواد الغذائية داخل الولايات المتحدة من خلال تخفيف كلفة الاستيراد على منتجات مثل اللحوم، والموز، والبن.
وتُعد الاتفاقية مع الأرجنتين الأبرز، إذ ستمنح كلتا الدولتين وصولاً تفضيليًا إلى الأسواق في مجالات تشمل المعدات الطبية، والتكنولوجيا، والمنتجات الزراعية. كما تعزز الاتفاقية العلاقات مع الرئيس خافيير ميلي، الذي يسعى لتحرير اقتصاد بلاده من القيود الحمائية.
وفي إطار الخطة، سيتم إعفاء بعض المنتجات غير المتوفرة محليًا من الرسوم الجمركية، في خطوة تهدف إلى تخفيف الضغط على المستهلك الأمريكي. وتراهن الإدارة الأمريكية على أن هذه التخفيضات ستُترجم إلى أسعار أقل في المتاجر، مما يعزز ثقة الناخبين قبل العام المقبل.
لكن هذه الخطوة تمثل في الوقت ذاته تراجعًا عن بعض الرسوم التي فرضها ترامب سابقًا، حيث تسعى الإدارة الآن إلى إعادة توازن العلاقات التجارية بما يخدم هدف “جعل أمريكا ميسورة التكلفة مجددًا”.
أسواق السلع والطاقة

ارتفعت أسعار النفط بشكل حاد، إذ قفز خام برنت بنسبة تصل إلى 3% بسبب تصاعد المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بتدفقات النفط الروسي نتيجة العقوبات الأمريكية والهجمات الأوكرانية. كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط إلى نحو 59.65 دولارًا للبرميل.
أما الذهب والفضة فاستفادا من الطلب المتزايد على الملاذات الآمنة في ظل الشكوك المحيطة بسياسات الفيدرالي وتباطؤ النمو العالمي.
تدخل الأسواق العالمية مرحلة من التذبذب بعد موجة صعود سابقة، إذ يتحول تركيز المستثمرين من التوقعات السياسية إلى البيانات الاقتصادية الفعلية.
وفي حين قد تمنح خطوات ترامب التجارية دفعة مؤقتة للشعور العام، تبقى التساؤلات قائمة حول أثرها على المدى الطويل في الأسعار المحلية والمنافسة الصناعية.
من المتوقع أن يستمر التقلب خلال الأسابيع القادمة مع ارتفاع تقييمات أسهم التكنولوجيا، وزيادة أسعار السلع، وغموض توجهات السياسة النقدية. وستتجه الأنظار الأسبوع المقبل إلى نتائج شركة Nvidia، التي قد تشكل نقطة تحول في مسار شهية المخاطرة قبل نهاية العام.